الجمعة، 25 فبراير 2011

بل انتم من يثير الفتنه يا فضيله الإمام الأكبر


اثناسيوس كمال
طالعنا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السيد الأستاذ الدكتور احمد الطيب بعدد من التصريحات والبيانات بمناسبة ثورة 25 يناير التي طالبت بإسقاط النظام وإصلاح الحياة السياسية والاقتصادية والقضاء علي الفساد وانتقد خلال هذه التصريحات وأفتي فضيلته بأن "الثورة حرام" ثم عاد وانتقد الأصوات المطالبة بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية هي المبدأ الرئيسي للتشريع" وأفتي فضيلته بأن تلك الأصوات تثير الفتنة وتفتح الباب أمام الفوضى, كما طالب الإمام الأكبر أبناء الوطن من المعارضين لتلك النداءات التعبير عن رأيهم بقوة والتمسك بالمادة الثانية التي تؤكد هوية الدولة...مشيرا الي أن الدول الغربية تنص دساتيرها علي أن الديانة هي المسيحية كما هو الحال في اسبانيا ثم التصريح بأن مبادئ الإسلام هي الضامنة لحقوق المواطنة...إلي آخر هذه ال.....وقبل أن نبدأ في الرد علي فضيلته وتفنيد دعواه نود أن نتعرف علي شخصية فضيلة الإمام:
فضيلته كان عضوا بمكتب السياسات بالحزب الوطني ذلك الحزب الذي كان مغرقا في الفساد ومكتب السياسات الذي كان يرأسه من كان يعدونه لوراثة السلطة في مصر...........................................................................!!!!. فضيلة الإمام هو الذي رفض بعد تعيينه الاستقالة من الحزب الوطني ودافع عن انتمائه للحزب, في برنامج العاشرة مساء مبررا بأن هذا أمر يمكن أن يستفيد منه الحزب ويستفيد منه الأزهر ثم عاد وتراجع قائلا أنه سوف ينتظر عودة الرئيس من رحلة العلاج بألمانيا حتى يتخذ قراره وهي إشارة واضحة إلي أن فضيلته كان ينتظر التعليمات من الجهة العليا مثله مثل أي كادر بالحزب الوطني...!!!. فضيلة الإمام هو من كان يهاجم المسيحية قبل عدة شهور من تعيينه شيخا للأزهر ويتهم كتابها بالتحريف بأدلة مغلوطة تلاعب فيها بعقول البسطاء مستندا فيها إلي أن الرسول كان لديه نسخة من الكتاب المقدس الذي تضمن نبوءة عن الرسول وطالب بكل غرابة أن يظهر المسيحيون هذه النسخة مخالفا أبسط مبادئ المنطق والعقل والشريعة التي تنص علي أن "البينة علي من ادعي" ومستخفا بعقول الناس....................................................................................................................!!!. فضيلته من صرح بأن "من يسير علي نهج الأزهر فسيكون صديقا لنا ومن يخالف هذا المنهج فسوف نقف له بالمرصاد" وهي نفس اللغة التي استخدمها بوش الابن بعد الحادي عشر من سبتمبر حينما قال"من ليس معنا فهو علينا" وفضيلته بهذا يستخدم نوعا من الإرهاب الفكري...فان كان هذا مقبول في السياسة فهو شديد الخطورة في الدين لأنه يستغل الدين في فرض الأفكار والتوجهات باعتبارها أمور علوية ومن يخالفها كمن يخالف الله نفسه وهذه هي أحد الانتقادات الموجهة للدولة الدينية......................!!!. فضيلته من تولي الرد علي تقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية رغم أن التقرير جاء يدين الحكومة المصرية, في ذلك الوقت, ببعض الممارسات الدينية التي تتسم بالتمييز وترقي للتعصب, وكان الأجدر بوزارة الخارجية المصرية أن تبادر بالرد فهل هذا دور جديد للأزهر الشريف في الدفاع عن الحكومة أم أن فضيلته لم ينس أنه كان عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني وأنه ملتزم بموجب الانتماء الحزبي بالدفاع عن حكومة الأمر الذي يثير تساؤلا مشروعا حول مدي تسييس الأزهر الشريف.................!!!. فضيلته هو الذي هاجم الثورة وأفتي بأن "الثورة حرام" وتصريح مثل هذا عندما يصدر عن أكبر رجال الدين فهو يعني أن الأمر يتعلق بالدين ثم عاد ومدح الثورة وترحم علي شهدائها فماذا حدث...هل انقلب الحرام حلالا فجأة...؟؟؟!!!ودفاعا عن نفسه أخذ يعدد مواقفه ومواقف الأزهر في عهده ويذكر بمواقفه ضد إسرائيل والفاتيكان...الخ بنفس الأسلوب الذي كان يتبعه النظام السابق ويدغدغ به مشاعر الناس ويتلاعب بها مستغلا درجته العلمية في الفلسفة....................................................!!!. فضيلته هو الذي ادعي, بالمخالفة للحقيقة,أن:"الدول الغربية تنص دساتيرها علي أن الديانة هي المسيحية كما هو الحال في اسبانيا مستغلا بذلك تواضع المستوي التعليمي والثقافي والعلمي لمعظم أبناء الشعب المصري...فهل هذا يليق برجل دين أو رجل علم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
والآن نأتي إلي المادة الثانية من الدستور المصري وكيف تؤثر بالسلب علي العلاقة بين المصريين مسلمين ومسيحيين وتزرع الفتنة والبغض:.
أولا :من الأمور المثيرة للدهشة تديين كل شيء في حياتنا بداية من النوم والخروج والدخول والسواك والرداء والمظاهرات حتى الاقتصاد والبنوك والتوقيت فقد سمعنا مؤخرا عن "التوقيت الإسلامي" المزمع إنشاؤه وفقا لتوقيت مكة المكرمة دون سند علمي مثل ذلك الذي يجعل العالم كله يتعامل مع "توقيت جرينتش" اللهم إلا إثبات الوجود دون سند موضوعي...!!! إلي آخر هذه الأفكار المتطرفة ومن بينها الدولة الإسلامية رغم أن الدولة فكرة وشخصية اعتبارية فكيف يكون لها دين, وإذا كان المقصود الإشارة الي أن غالبية المواطنين هم من المسلمين فهذا أمر ظاهر علي الأرض ولا يحتاج لنص دستوري إلا إذا كان له هدفا مستترا مثل أسلمة المسيحيين بالقوة وتطبيق الشريعة الإسلامية علي المسيحيين والقول بأن هذا لم يحدث في التاريخ السابق مردود بأنه قد سبق وحدثت محاولات في السودان مثلا وانتهت الي تقسيم السودان الآن. وفي مصر فقد بدأ يحدث في الأربعين سنة الأخيرة فزادت حالات الأسلمة باستخدام كافة الوسائل وتزايد الهجوم علي الكنائس لأسباب مختلفة والازدراء بالمسيحيين وتهميشهم في الوظائف والحقوق السياسية...وغيرها ومع ذلك وإذا افترضنا جدلا أن هذه ظواهر استثنائية وليست عامة ومن القلة القليلة المندسة وممن لهم أجندات خارجية كما يحلو للبغض أن يتغني بهذا اللحن الممقوت فهذا مردود بأن المادة الثانية من الدستور هي سيف مسلط علي رقاب العباد يشحن الطرفين المسيحي والمسلم من المصريين ضد بعضهما, الواحد بالكراهية والتكبر والتسلط والآخر بالتوجس والشعور بالظلم والتدني.
ثانيا :لا يوجد دستور واحد في أوربا يحدد دين الدولة ولكن معظم هذه الدساتير تحدد بشكل أو بآخر أن يكون الملك أو رئيس الدولة من مذهب الأغلبية فهذه الدول كانت تدين شعوبها بالمسيحية منذ نشأة المسيحية, وقبل ظهور الإسلام انقسمت المسيحية إلي مذاهب في نهاية القرن الرابع الميلادي وأوائل الخامس وتفرقت شعوبها بين هذه المذاهب وقد تضمنت دساتير الكثير من الدول الأوربية تحديدا لمذهب الملك أو رئيس الدولة تعبيرا عن المذهب الذي اختاره كل شعب, وعلي سبيل المثال: تنص المادة‏ 47من الدستور اليوناني علي أن كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من إتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية‏, وفي الدستور الإسباني, الذي يستشهد به فضيلة الإمام, تنص المادة السابعة منه علي أنه يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية ولكن ينص البند الأول من المادة 16 منه علي "ضمان الحرية الأيديولوجية والدينية وحرية التعبد للأفراد والجماعات بدون قيود كما يضمن حق الأفراد والجماعات في المجاهرة بعقيدتهم ...وأما في الدستور الفرنسي فتنص المادة الأولي منه علي أن:"فرنسا هي جمهورية لا تتجزأ, وهي علمانية, وديمقراطية, واجتماعية. وتكفل مساواة جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز يقوم علي الأصل أو العرق أو القانون.وتحترم جميع المعتقدات, وهي منظمة تنظيما لا مركزيا. يشجع القانون تساوي النساء والرجال في تقلد الولايات الانتخابية والوظائف الانتخابية, وكذا ممارسة المسئوليات المهنية والاجتماعية"..... والأهم من النصوص أن هذه المبادئ تطبق علي أرض الواقع بغض النظر عن بعض الإجراءات التي لجأت لها بعض دول أوربا وأمريكا بعد الحادي عشر من ديسمبر بسبب محاولة بعض المهاجرين المسلمين الإخلال بأمن هذه البلاد وفرض مبادئهم وقيمهم عليها, فضلا عن أنهم ليسوا من أصول هذه الدول وليس لهم نفس العرق والجذور التاريخية بل هم مهاجرون إليها ضيوف عليها مستفيدون منها وهذا أمر يختلف عن الوضع في مصر فالشعب المصري كان قبل ظهور الإسلام ما بين مسيحي ووثني وبعد دخول الإسلام مصر تأسلم البعض من الوثنيين والمسيحيين في ظروف وأسباب معينة لا مجال للخوض فيها, ولكن يبقي أن المصريين جميعا مسلمون ومسيحيون من ذات الأصل والعرق والجذور وإذا كان مراعاة الأغلبية أمر مشروع إلا أن المادة الثانية جاءت مسخا ممقوتا فقلدنا تقليدا أعمي كالعادة فجعلت للدولة دينا بينما الدولة فكرة وشخصية معنوية لا يستقيم أن يكون لها دين وجعلت الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع فضلا عن أن الدستور لم يتضمن أي إشارة للأديان الأخرى رغم أن الإسلام يقرر أنه يؤمن بالأنبياء والرسل والكتب والأديان السابقة عليه وهو تناقض جعل هذا المبدأ مجرد شعار وادعاء يحتاج الي دليل خاصة في وجود نصوص أخري تطعن علي هذه الأديان وتتهمها بالكفر وتحريف كتبها الأمر الذي سنتعرض له بتفصيل أكبر. الخلاصة أن مجمل هذا الوضع جعل المسيحيون مواطنون من الدرجة الثانية بحكم المادة الثانية التي أعطت بما ورد بنصها وما لم يرد بها من نص, أعطت طرفا من المصريين, المسلمون, شعورا بالأفضلية والتميز والتفرد انعكس علي سلوك وتعاملات البعض فأعطوا أنفسهم حق مهاجمة الكنائس التي يظنون أنه يتم بناؤها أو ترميمها دون ترخيص دونا عن أي تجاوزات أخري تتم بالمخالفة للقانون وما أكثرها وانتقل الي المستوي الرسمي حيث التمييز في الوظائف والمناصب...الخ بل إنها أجهضت مبدأ المواطنة وحرية ممارسة العقيدة الذي نص عليه الدستور فلم يعد له تطبيق علي الأرض هذا فضلا عن أسباب أخري تتعلق بنصوص وتعاليم دينية وقصور في التعليم والثقافة...الخ
ثالثا :القول بأن "مبادئ الإسلام هي الضامنة لحقوق المواطنة..." يدعو للتساؤل عن أية مبادئ يتحدثون:
· هل المبدأ الذي يقرر أن المسيحيين مشركين بالله ويعبدون غير الله في قوله: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (الأنفال 64)!!!.
· أم المبدأ الذي ينكر كل ديانات أخري ويصادر عليها في قوله ويجعل الاسلام هو الدين الحق الأوحد في قوله: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرموا ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق-أي الإسلام- من الذين أوتوا الكتاب-أي اليهود والنصارى" (التوبة ٩: ٢٩) وكذا قوله:"إن الدين عند الله الإسلام"!!!.
· أم المبدأ الذي يكفر المسيحيين ويدعو لإجبارهم علي الإسلام أو دفع الجزية أو قتلهم في قوله: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرموا ما حرم الله ورسوله-أي المسيحيين- ولا يدينون دين الحق-أي الإسلام- من الذين أوتوا الكتاب-أي اليهود والنصارى- حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون-أي مذلولون" (التوبة ٩: ٢٩)!!!.
· أم المبدأ الذي يدعو لترهيب المسيحيين وقتلهم في قوله:"سألقى في قلوب الذين كفروا( أي اليهود والنصارى) الرعب فأضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كل بنان...فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم" (الأنفال ٨ : ١٢و ١٧(!!!.
· أم المبدأ الذي يقضي بتفضيل المسلم ومعاداة الآخر مثلما في قوله:"المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه" وبمفهوم المخالفة أن لا يسلم غير المسلم من يد ولسان المسلم الذي يكون له أن يعتدي علي غير المسلم بالضرب والسباب!!!
· المبدأ الذي يدعو إلي أن "أموال ونساء وأبناء اليهود والنصارى غنيمة للمسلمين"!!!.
· أم المبدأ الذي يقضي بعدم السماح للمسيحي بالزواج من مسلمة بينما يسمح بالعكس بل ويقضي بأن يكتسب الأبناء دين الآباء (الإسلام) علما بأن التنظير الذي قدمه فضيلة الإمام الأكبر لهذا المبدأ في رده علي تقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية كان لا يعدو تبريرا ضعيفا ولم يرقي لمستوي السبب بأي حال وقد سبق الرد عليه!!!.
· أم مبدأ الردة الذي يقضي بقتل من يرتد عن الإسلام حثي ولو كان مسيحيا أسلم ثم عاد إلي مسيحيته.
هذه مجرد أمثلة يا سادة ويلزمنا عشرات الكتب وإذا قال قائل أن هناك مبادئ في الإسلام تدعو للسلام والوئام والجدل بالتي هي أحسن...الي آخر هذه الشعارات نقول: فلماذا أذا لا تردون علي من يستخدمون النصوص والسنة التي تدعو للقتل والعنف والترهيب والاغتصاب والتكفير وعدم الاعتراف بالآخر وتحاولوا تفسيرها وتفندوا لهم حججهم ولماذا لم تحاولوا أن تشرحوا لهم هذا التاريخ والسلوك الممتلئون شواهد وأدلة وأمثلة للعنف والكراهية والبطش والتنكيل بالآخر؟؟!.ان صمتكم عن مناقشة هذه الآيات ومحاجة الذين يتخذون منها دستورا لتدينهم وسلوكهم دليل علي أحد أمرين: إما أنهم صادقون وهذا هو الدين فعلا وأنكم لا تملكون لهم ردا وأن النصوص التي تكتفون بترديدها للتدليل علي تبرئة الإسلام من العنف والكراهية وازدراء الآخر هي نصوص منسوخة أو معطلة, وإما أنهم مارقون عن الدين القويم وفي هذه الحالة الأخيرة تكونون عاجزون عن إقناعهم لضعف علمكم وحجتكم ومنطقكم وتدينكم...وفي الحالين فان الأمر يحتاج الي علاج والعلاج لا يكون في الإصرار علي وجود تمييز ديني دستوري يدفع إلي تمييز ديني علي أرض الواقع في العلاقة بين أبناء الوطن الواحد.... اتفقوا أولا علي مبادئ الإسلام التي تضمن حقوق المواطنة واعلنوا موقفكم من مبادئ الإسلام الأخرى التي تهدم حقوق المواطنة ثم نادوا بالمادة الثانية والثالثة والدستور كله....
رابعا: القول بأن المسيحيين أهل ذمة وأن المسلمون ملتزمون بالدفاع عنهم وحمايتهم هو منطق مرفوض من كل الوجوه جملة وتفصيلا فالمسيحيون أصحاب وطن, والمسلمون مثلهم, وليس لأحد ولاية علي الآخر أو فضل علي الآخر إلا إذا كان المسلمون يعتبرون أنفسهم أجانب غزاة ومحتلون وأنهم بهذه الصفة يضمنون للمسيحيين أصحاب الوطن السلام والأمان, أو أنهم يعتبرون المسيحيون هم الأجانب عن هذا الوطن وأنهم أي المسلمون الأصحاب الحقيقيون للوطن ويضمنون بهذه الصفة سلامة هؤلاء الغرباء وكلا الأمران مران مرفوضان فالمصريين مسيحيون ومسلمون أصحاب وطن من نفس العرق والجنس والجذور لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وبالتالي فهذا المبدأ يكرس المذلة والهوان والنظرة الدونية التي يتعامل بها المصريون المسلمون مع مواطنيهم المصريون المسيحيون وهو الأمر الذي يرفضه المسيحيون ويجعلنا نقول: نحن المصريون الأفارقة الفراعنة الأصليون الذين لم تتأثر جيناتنا وجنسنا بالاختلاط بالجنس العربي, مع تقديرنا له ولكن تقديرنا الأكبر لوطننا وعرقنا وجنسنا وجذورنا وأصولنا المصرية, ثم المصرية أكبر بكثير جدا ولن نقبل بأي حال مثل هذه الوصاية, وأكرر لسنا أهل ذمة لأننا وأنتم أبناء وطن واحد لهم ذات الأصل والجنس والجذور وإذا أراد أحد أن يتنكر لهذا الأصل فهذه مشكلته أما نحن المسيحيون فلن نتنكر لمصريتنا ولمواطنينا مسلمين ومسيحيين....
خامسا: ثبت علي مدار التاريخ عدم صلاحية خلط السياسة بالدين في حكم الشعوب بصفة عامة, ففي أوربا كان عصر الظلمات والتخلف والذي انتهي بثورات ضد النظم الدينية حتي انتقلت إلي العلمانية وأصبحت أوربا علي ما هي عليه الآن, وفي العالم الإسلامي فشلت كل التجارب لحكومات إسلامية وعلي سبيل المثال:
· تهاوت الخلافة العثمانية تحت ضغط التخلف وتساقطت ولاياتها في أيدي المستعمرين...
· ما حدث في السودان بداية من الفترة التي حاول فيها الإخوان تطبيق الشريعة الإسلامية عام 1989 ثم إبان حكم النميري وما انتهي إليه السودان من التخلف الاقتصادي والعزلة الدولية والحروب الأهلية والذي انتهي به الأمر الآن إلي التقسيم...طبعا مع مراعاة أنشودة الأطماع الأجنبية والأجندات الخارجية....الخ
· ما حدث في تركيا التي انتهي بها الأمر إلي الانقلاب علي الدولة الدينية وإنشاء دولة علمانية لها هوية إسلامية...
· ومرورا بالصومال (المحاكم الإسلامية) وما تخلفه من رعب وإرهاب وتدمير وتخلف وحرب أهلية, ولبنان وما يفعله حزب الله, وفلسطين وتقسيم حماس لها, وأفغانستان وباكستان التي حولتهما القاعدة وطالبان إلي دول حشيش وأفيون وفقر وجهل, واليمن ودول الخليج المنقسمة أصلا إلي دويلات
· ثم المثال الصارخ للدولة الدينية في إيران ومعاناة شعبها للذل والقمع ولا أظنها ستدوم كثيرا.....!!!!.
سادسا: بالنظر الي المعطيات سالفة الذكر أليس من الأجدر والأكثر موضوعية أن ندعو الي تعديل المادة الثانية من الدستور لتكون أكثر موضوعية وأكثر تعبيرا عن الواقع واتفاقا مع المفهوم الإسلامي الايجابي للآخر الذي يعترف بالرسل والأنبياء والكتب والأديان السابقة عليه, هذا إذا خلصت النوايا طبعا, واقترح أن يكون منطوق المادة الثانية علي النحو التالي كمثال: "مصر دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية تؤمن بالأديان السماوية الثلاث, والشرائع السماوية وإعلان حقوق الإنسان والمواثيق الدولية هي المصدر الأساسي للتشريع, والدولة تؤمن وتدافع عن الحرية والعدل والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز علي أساس من الدين أو العرق أو الأصل أو الجنس" ويمكن إضافة "الإسلام هو دين الأغلبية"
وأخيرا لا أستطيع أن أنهي هذا المقال دون الإشارة مجددا إلي ما تضمنه تصريح فضيلة الإمام من تحريض جموع المسلمين علي الثورة والهياج علي طريقة:"وأسلماه...اضربوا يا عرب..." وذلك في مطالبته:"... أبناء الوطن من المعارضين لتلك النداءات(التي تدعو لإلغاء المادة الثانية) التعبير عن رأيهم بقوة والتمسك بالمادة الثانية التي تؤكد هوية الدولة.."
تري ماذا تبغي فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور شيخ الأزهر الشريف من هذا النداء أو بالأحرى التحريض, هل تريدها حربا أهلية يقتتل فيها المصريون مسيحيون ومسلمون؟؟؟ يؤسفني أنه سيخيب رجاؤكم يا فضيلة الإمام لأن غالبية شباب مصر في هذا الجيل من المتدينين بحق الذين لا يغالون في تدينهم ولا يستعرضون دينهم لأنه في قلوبهم هؤلاء يطالبون بدولة مدنية دون أن يتهاون أي منهم في هويته الدينية لأنهم يعرفون أن الدين: معاملة, الدين فضائل وليس تعصب وتشنج, الدين سلوك وقيم ومبادئ ومثل وأخلاقيات وليس مجرد نصوص وممارسات عبادية وشكليات وتعصب وطعن في الآخر وان أمكن إزاحته أو علي الأقل تهميشه وجعله مواطنا من الدرجة الثانية.
يؤسفني أن أنهي إليكم: بل المادة الثانية وأنتم من يثير الفتنة يا فضيلة الإمام الأكبر.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق